بعد رفضه القتال في أوكرانيا روسيا تخفض رواتب الفيلق الخامس

خفض الفيلق الخامس التابع لجيش النظام السوري، والمدعوم بشكل رسمي ومباشر من روسيا، مؤخراً، رواتب مقاتليه بنسبة 50 في المئة بعد مضي قرابة ست سنوات على تأسيسه، وذلك بسبب رفض عناصره القتال في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن روسيا المسؤول الفعلي والمباشر عن الفيلق الخامس، خفضت رواتب المتطوعين فيه من 200 دولار أميركي شهرياً إلى 100 دولار، مشيرةً إلى وجود شائعات تعمدت روسيا نشرها عن نية الفيلق تخفيض رواتب العناصر ممن يؤدون الخدمة الاحتياطية ضمنه أيضاً.
وأضافت المصادر أن التخفيض المفاجئ للرواتب دفع عناصر الفيلق الخامس من المتطوعين إلى الفرار مشيرةً إلى أن الراتب لم يعد كافياً لتسديد أجور النقل، وبعض الحاجات الشخصية الأساسية، مبينةً أن عناصر آخرين من الفيلق احتجوا لدى ضباط النظام السوري على الوضع المعيشي السيئ بعد تخفيض الرواتب.
من جانبها لم تعلق قيادة الفيلق على القرارات الروسية المفاجئة بتخفيض الرواتب المقدمة للمنتسبين، على الرغم من انتشار حالة التململ في صفوف العناصر والضباط، فيما تُشير المصادر إلى أن ضباطاً من مرتبات الفيلق أكدوا أن التخفيض جاء بقرار روسي وأنه يرتبط بسياسة روسية لخفض النفقات بسبب الحرب في أوكرانيا.
وليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الفيلق الخامس لتخفيض رواتبه من قبل القوات الروسية، حيث سبق وأوقفت روسيا الرواتب المُقدمة للواء الثامن التابع للفيلق الخامس، وهو ماساهم بشكل كبير في فك الارتباط الوثيق بينهما، وخصوصاً بعد التسويات الأخيرة في درعا والتي طالت مناطق خاضعة بشكل مباشر للفيلق ، وتحويل تبعيته إلى شعبة المخابرات العسكرية التابعة للنظام، حيث بات عناصر اللواء يتقاضون رواتبهم الشهرية بشكل مباشر من النظام السوري.
وكان مصدر قيادي في اللواء الثامن بدرعا، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أكد لـ"وكالة المجس" أن روسيا أعادت أواخر آذار الفائت، قنوات التواصل مع اللواء الثامن في المحافظة، مشيراً إلى أن اجتماعاً عُقد حينها بين القيادي في اللواء العقيد "نسيم أبو عرة"، والجنرال الروسي "ألكسندر زورافليوف"، طلب خلاله الأخير تقديم قائمة بالأسماء والمعلومات الشخصية للمقاتلين المتواجدين داخل اللواء، وذلك بهدف تجنيدهم للمشاركة في الحرب ضد أوكرانيا.
وأضاف المصدر أن القيادي "أبو عرة" استمع لمطالب الروس خلال الاجتماع، إلا أنه لم يقدم إجابة واضحة حول ما إذا كان اللواء سيقوم بالتعاون مع الروس أم لا، موضحاً أنه اكتفى بتقديم وعود بالاتصال بالقيادة الروسية بأقرب وقت، وذلك بعد التشاور مع قيادة اللواء الثامن، كاشفاً عن وجود رفض شديد داخل قيادة اللواء للمطالب الروسية المقدمة.
وحول الإغراءات الروسية للواء الثامن، كشف القيادي عن تقديم الوفد الروسي، عروضاً تضمنت منح المقاتلين الذين يقبلون المشاركة في الحرب ضد أوكرانيا رواتب كبيرة جداً مقارنةً بالتي يتقاضونها في الوقت الحالي، إلى جانب تقديم التعويض عن الرواتب التي جرى توقيفها من جانب روسيا منذ نحو عام، فضلاً عن تقديم وعود بحل كل مشاكل اللواء العالقة مع النظام السوري، والسماح بتمدده مجدداً في المناطق التي شهدت انحساراً في نفوذه عُقب إجراء التسويات مع النظام السوري، مشيراً إلى أن الروس أوضحوا أنهم بصدد إعادة اللواء إلى العباءة الروسية مجدداً وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً، في حال قبول اللواء بتجنيد المقاتلين للقتال في أوكرانيا.
ورافق الترغيب الروسي والامتيازات المعروضة على قيادة اللواء الثامن، وجه آخر من المعاملة الروسية التي حملت صبغة "الترهيب" حيث أكد المصدر ذاته، أن الضباط الروس هددوا قيادة اللواء الثامن في حال رفضها التعاون مع روسيا، بأنهم لن يساهموا في حل أي مشكلة تعترض اللواء في حال عدم إرسال مقاتلين، موضحاً أن التهديد الروسي يُشير بشكل مباشر إلى أن روسيا تُريد توصيل رسالة للواء الثامن مفادها، أن عدم التعاون مع روسيا سيتسبب بالكثير من المتاعب له، مشيراً إلى أن روسيا قد تُحرض النظام السوري على افتعال مشاكل أمنية وعسكرية في مناطق اللواء، فضلاً عن مخاوف من تعرض عناصر اللواء للاعتقال في حال اندلاع أي خلاف من النظام.
وأكد أن اللواء أعلن خلال اجتماع لقادته، رفضه بشكل قاطع الانخراط بعمليات التجنيد الجارية في سوريا، عبر ميليشيات النظام، مؤكداً أنه لن يقبل بإرسال أي مقاتل للقتال خارج سوريا، كما بحث الاجتماع التهديدات الروسية لقيادة اللواء، وسبل مواجهة الضغط الروسي بطرق تمنع التصادم بشكل مباشر مع النظام السوري.
وكانت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية قد قالت في تقريرٍ سابق أن روسيا تسعى ا إلى الاستعانة بالمرتزقة السوريين في غزوها لجارتها أوكرانيا على غرار ما فعلت في ليبيا، ولكن هذه المرة بأعداد أقل، وبشروط أقسى، مشيرةً إلى أن بعض التقارير تقول إن قوة متقدمة من حوالي 150 من المرتزقة السوريين وصلت إلى روسيا أواخر آذار، وسط أحاديث عن وصول أكثر من 800 شخص.
ونوهت إلى أن ميليشيا "فاغنر" الروسية استعانت في حربها في أفريقيا الوسطى بعناصر جديدة من الشرق الأوسط خاصة من المناطق السورية التي يسيطر عليها بشار الأسد المدعوم من روسيا، والمناطق الليبية التي يسيطر عليها القائد العسكري خليفة حفتر، الحليف الرئيسي لموسكو.
وينقل التقرير عن إحدى المنظمات السورية، أن الرواتب الشهرية قد تتراوح بين 500 و3000 دولار حسب الخبرة، وهي مبالغ مربحة مقارنة براتب الجندي السوري العادي، بالإضافة إلى التعويض عن الإصابة أو الوفاة.
وبينت أنه وبعد وصولهم إلى روسيا، من المرجح أن يتم نشر القوات السورية مباشرة في الخطوط الأمامية في أوكرانيا، نظرا لتدريبهم المسبق، وكفاءتهم في استعمال المعدات الروسية، مشيرةً إلى إنه رغم الإغراءات المالية إلا أن الظروف الحالية للحرب في أوكرانيا لا تبشر بالخير للمرتزقة القادمين من خارج روسيا، لافتةً أن صور الجنود الروس وهم ينهبون المتاجر الأوكرانية تُظهر أن الوضع قد يكون سيئا للمرتزقة.
وكانت عدة تقارير غربية ومحلية قد أكدت، في الأيام الماضية، عمليات تسجيل أسماء لمقاتلين سوريين في مناطق سيطرة نظام الأسد، وخاصة أولئك المنضوين ضمن تشكيلات “الفيلق الخامس”، وميليشيات أخرى تتلقى دعماً روسياً.