آلية إيصال المساعدات عبر الحدود: جدل غربي روسي لاينتهي

جددت موسكو تهديداتها عبر لسان مبعوثها إلى مجلس الأمن "فاسيلي نيبينزيا"، بوقف تمديد آلية نقل المساعدات عبر الحدود الصيف المقبل، مشيراً إلى عدم تنفيذ القرار 2585 بالشكل المتفق عليه في مجلس الأمن، بالتزامن مع دعوات غربية لتمديد آلية المساعدات إلى سوريا.
وقال المبعوث الروسي "خطة الأمم المتحدة الإنسانية لسوريا لعام 2022 تنص على أن حصة كبيرة (25٪) من مشاريع التعافي المبكر ستكون للمرافق الطبية والتعليمية وكذلك أنظمة إمداد المياه"، مضيفاً أنه لا يرى أي مسوغ لتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بعد انتهاء مدتها في تموزالقادم.
وأضاف "ما تزال الخطة تعاني من نقص التمويل، وتخضع مشاريع التنمية وإعادة الإعمار لشروط سياسية مسبقة من المانحين، ولهذه الأسباب ما يزال أكثر من نصف السوريين يعيشون في مناطق تتطلب إزالة الألغام ومن دون كهرباء".
وتذرع بعدم تنفيذ القرار الأممي 2585 حسب الشكل الذي تم الاتفاق عليه في مجلس الأمن قائلاً: "الوضع لم يتغير بعد 9 أشهر من قرار مجلس الأمن عمل معبر الهوى، حيث كان الغرض من القرار وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء سوريا وتكيف التعافي المبكر". وأضاف "في هذا الوقت تمكنت فقط ثلاثة قوافل من العبور إلى إدلب ولا يوجد أي إمداد للشمال السوري من دمشق على الإطلاق".
وتابع "دعونا لا نخفي حقيقة أنه في ظل هذه الظروف لا توجد عملياً أسباب للمزيد من التمديد لقرار نقل المساعدات عبر الحدود"، موضحاً أن روسيا ترى كل هذا دليلاً على عدم الرغبة في حل المشكلات الإنسانية بما في ذلك إدلب.
 آلية المساعدات: تاريخ حافل بالتهديدات الروسية
وفي أواخر آذار الفائت هدد نائب المندوب الروسي في الأمم المتحدة "ديميتري بوليانسكي"، بمنع تمرير قرار تمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وقال خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول سوريا، إن "آلية إيصال المساعدات عبر الحدود، تنتهي في يوليو المقبل، ومن بين أحكام القرار، هناك بند واحد فقط يجري تنفيذه حالياً".
وأضاف بوليانسكي "على ما يبدو، أن الأطراف لن تفي بجميع الأحكام الأخرى، وفي الوقت نفسه أثبتت دمشق أن عمليات التسليم إلى إدلب عبر خطوط التماس ممكنة"، مشيراً إلى  أن بلاده "لن تغض الطرف عن فشل الدول الغربية في الامتثال للقرار المتعلق بالمساعدات الإنسانية عبر الحدود في سوريا"، الذي من المقرر تمديده في تموز المقبل، مشدداً على أن تنفيذ القرار 2585 معطل.
وندد الدبلوماسي الروسي بـ "محاولات الغرب ربط الالتزامات بموجب القرار 2585 بشروط سياسية مسبقة"، مشيراً إلى أن "العقوبات الغربية أحادية الجانب تخنق سوريا، والبنوك وشركات التأمين تبالغ في الامتثال لها"، زاعماً أن "استخدام التجويع كسلاح حربي يتعارض مع القانون الدولي الإنساني"، داعياً الدول الغربية إلى "احترام حق اللاجئين في العودة، تماشياً مع القرار 2254، وعدم غض الطرف عن انتهاكات القرار 2585، التي أصبحت أكثر فظاعة".
واعتبر أن "الحل يكمن في شن معركة لا هوادة فيها ضد هيئة تحرير الشام وتنظيم الدولة، وإنهاء الوجود العسكري غير الشرعي في سوريا، ووقف الضربات الجوية الإسرائيلية التعسفية"، متهماً الدول الغربية بأنها تستخدم الإرهابيين وتستغلهم لأهدافها الخاصة.
كما اتهم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش بأنه تخلى عن اللغة المحايدة المعرفية المناسبة لمسؤول دولي عند مناقشة الأزمة الأوكرانية، داعياً إلى تقييم وجود الولايات المتحدة الأميركية في سوريا، امتثالاً لميثاق الأمم المتحدة، و طالب غوتيرش بأن "يُسمى من يحتلون سوريا والمسؤولون عن الوضع في مخيمات النازحين علانية، وإلا فإن روسيا سوف تعتبره مثالاً حياً على المعايير المزدوجة"
وفي أواخر كانون الأول 2021 هدد مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا "ألكسندر لافرنتييف"، أن موسكو لن تمدد آلية المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، في حال لم يتم إحراز تقدم في حل المشاكل الإنسانية.
ونقلت وكالة تاس الروسية عن لافرنتييف قوله: "لسوء الحظ، نرى أنه على الرغم من إعلان النوايا، لم يتم إنجاز سوى القليل جداً من العمل الملموس. نحن نؤيد تقليصه، لقد منحنا عملياً ستة أشهر مع تمديد يصل إلى عام لإظهار استعداد المجتمع الدولي لتغيير موقفه من هذه القضية. إذا لم تكن هناك تغييرات، فسنغلق الآلية في النهاية".
وشدد على موقف بلاده الرافض لـ "آلية العبور غير شرعية"، مشيراً إلى أن هذه الآلية لا تتمتع بالكفاءة وتتجاوز إطار القانون الدولي، معللاً ذلك بأنه لم يسبق وأن تم تطبيقها في العالم قبل سوريا.
وأردف لافرنتيف: "وافقت روسيا على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2585، حيث أعربت عن أملها في أن يكون ذلك حافزاً للمجتمع الدولي لزيادة حجم المساعدات الإنسانية للحكومة السورية".، وتابع: "ليس فقط من خلال المساعدات الإنسانية في شكل غذاء، ولكن الأهم من ذلك، إطلاق برامج الإنعاش المبكر، لإعادة مرافق دعم الحياة، والطاقة، وخطوط الكهرباء، ومحطات ضخ المياه، ومرافق الرعاية الصحية، والمدارس، وما إلى ذلك".
وفي تشرين الثاني 2021، جددت روسيا على لسان سفيرها في سوريا "ألكسندر إيفيموف" موقفها من ملف المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى سوريا، وقالت إنها تعمل وفق قواعد وخطوات ممنهجة، لتقليص مسار عبورها، في خطوة لتحويل الوجهة من المعابر التابعة للمعارضة السورية، إلى أخرى يُسيطر عليها النظام السوري.
وقال السفير الروسي في تصريحات لوكالات أنباء روسية إنه لا ينبغي توقع تمديد تلقائي للآلية عبر الحدود لإيصال المساعدات إلى سوريا، مشدداً على أن الجانب الروسي يرى أن آلية المساعدة عبر الحدود الخاصة بسوريا، تعتبر انتهاكاً واضحاً لسيادة الدولة السورية ومتهماً إياها بعدم الشفافية.
وأردف إيفيموف “على أي حال، علينا العمل من أجل تقليص المسار بالكامل وإعادة توجيه جميع الإمدادات الإنسانية، بما في ذلك إلى إدلب، إلى الطرق السورية المحلية".
مطالب غربية بتمديد المساعدات عبر الحدود
وفي ذات السياق دعت وفود الدول المشاركة في جلسة مجلس الأمن الدولي حول آخر المستجدات للأزمة السياسية والإنسانية في سوريا، الثلاثاء، إلى تمديد المساعدات عبر الحدود، كما دعت الإمارات لدعم الإنعاش المبكر في البلاد.
وقالت مساعدة الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، "ناتالي برودهرست" إن الحرب في سوريا مستمرة وما تزال إدلب تتعرض لقصف مدفعي عشوائي وقصف من قبل النظام وحلفائه، مؤكدة على أن إعادة تأهيل النظام السوري بلا مقابل لن يجلب الاستقرار لسوريا ولا للمنطقة.
وشددت على أهمية إيصال المساعدات عبر الحدود بالقول "فرنسا مصممة على تجديد هذه الآلية لأنها تنقذ الأرواح، ستكون الآلية العابرة للحدود وجميع الضمانات المرتبطة بها ضرورية طالما أن المساعدات لا تصل إلى جميع السكان المحتاجين في جميع أرجاء سوريا"، وأوضحت "في الوقت نفسه، يجب أن يستمر التقدم في الوصول عبر الخطوط، في كل من الشمال الغربي والشمال الشرقي لسوريا".
فيما قالت سفيرة بريطانيا "باربرا وودوارد" إن المملكة المتحدة تدعم تجديد وتوسيع تفويض الأمم المتحدة لإيصال المساعدات عبر الحدود، وأضافت: "إننا نحث جميع أعضاء المجلس على دعم تفويض الأمم المتحدة عبر الحدود في تموز القادم".
كما طالب ممثل دولة ألبانيا "فريت خوجة" بممارسة الضغط على النظام، على جميع المستويات، لبدء عملية سياسية جادة وحقيقية في سوريا، مؤكداًعلى أهمية إعادة ترخيص معبر باب الهوى وإعادة فتح المعابر الحدودية الأخرى حتى تصل المساعدات الإنسانية الحيوية لمن يعتمدون عليها.
من جانبه، لفت نائب مندوبة دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد بوشهاب، إلى أن بلاده تدعم الجهود المبذولة لزيادة مشاريع الإنعاش المبكر في سوريا.
وحول آلية المساعدات عبر الحدود قال "مع اقتراب موعد تجديد آلية المساعدات عبر الحدود إلى سوريا في شهر تموز، نأمل أن ينظر المجلس إلى هذه المسألة بشكل موضوعي ومنطقي، فنحن بحاجة إلى التعاون معاً على هذا الملف رغم وجود خلافات حول ملفات أخرى، لضمان وصول المساعدات للمحتاجين عبر الحدود وعبر الخطوط.
وفي دعم علني للنظام، لفت إلى ترحيب بلاده بمرور القافلة الثالثة من حلب إلى شمال غربي سوريا عبر الخطوط والتي شملت مساعدات إنسانية وفقاً للقرار "2585".

ذات صلة