بوادر حرب بين الجبهة الشامية وأحرار الشام شمال سوريا

عُقب إعلان أحرار الشام/ القطاع الشرقي، الأحد الفائت، انتهاء العلاقة مع الجبهة الشامية تنظيمياً، وذلك على إثر خلافات نشبت بينهما نيسان الماضي، وما تبعه من رفض الحركة القرارات الصادرة عن لجنة الإصلاح، تصاعدت حدت التوترات بين الطرفين، لتصل إلى حشد القوات العسكرية وتسيير الأرتال استعداداً لقتال داخلي جديد.
وقالت مصادر عسكرية مطلعة لـ"وكالة المجس" إن حركة أحرار الشام أرسلت أمس الثلاثاء، رتلاً عسكرياً من منطقة إدلب إلى مناطق النفوذ التركي "غصن الزيتون" التي يُسيطر عليها الجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة، شمال محافظة إدلب، تحسباً لأي هجوم قد يطال القطاع الشرقي التابع لها.
وأضافت المصادر أن أحرار الشام أرسلت رتلاً عسكرياً يضُم قرابة 40 سيارة مزودة برشاشات متوسطة، مبيناً أنه دخل إلى شمال حلب عبر معبر دير بلوط الفاصل بين مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب، ومناطق سيطرة الجيش الوطني، إلى منطقة غصن الزيتون.
ولفتت المصادر أن الرتل توجه عقب دخوله شمال حلب، إلى منطقة جنديرس القريبة من مدينة عفرين شمالي محافظة حلب، والتي تحوي مجموعات تابعة للحركة.
وجاءت تعزيزات الحركة إلى مناطق غصن الزيتون، بحسب س ذاتها، رداً على تحضيرات الجبهة الشامية وفصائل أخرى منضوية ضمن الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني السوري، لحملة عسكرية ضد الفرقة 32 المتمثلة بالقطاع الشرقي التابع لحركة أحرار الشام، وذلك بعد إعلان انشقاقه قبل أيام وعودته إلى صفوف الحركة.
وبينت المصادر أن أسباب التوتر الحالي، ترجع إلى وجود حقوق وواجبات لم يلتزم بها القطاع الشرقي التابع لحركة أحرار الشام، وذلك أثناء فترة عمله ضمن الفيلق الثالث، الأمر الذي دفع القطاع للانشقاق عن الفيلق، مشددةً على أن فصائل الفيلق تستعد لشن حملة عسكرية ضد قطاع الحركة الشرقي، بهدف استعادة الحقوق والالتزامات المترتبة على الفصيل، حسب قولها.
وأشارت المصادر إلى أن حركة أحرار الشام أرسلت تعزيزات عسكرية وذلك على الرغم من تعهدها، في بيانٍ لها، بإعادة كافة الحقوق للفيلق الثالث، وذلك بالتزامن مع عودة الفرقة 32 القطاع الشرقي في حركة أحرار الشام إلى صفوف الحركة، مشددةً على وجوب التخلي عن لغة التجييش والتهديد والوعيد وتوجيه الاتهامات.
فيما أعلن القطاع الشرقي عن عودته إلى حركة أحرار الشام، في رفض واضح للقرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية للإصلاح، متهماً إياها بـ "تسييس" القضية، مضيفاً أن "تحرير القضايا والحقوق المتعلقة بالقطاع تُراجع فيها القيادة العامة للحركة".
صوفان متهم رئيسي بافتعال الأزمة
وقبل أيام، اتهم الفيلق الثالث عبر بيان رسمي، "حسن صوفان" بتحريض بعض مكونات "الفرقة 32" أحرار الشام القطاع الشرقي التابعة للفيلق الثالث، على الانشقاق عن الفيلق والعودة إلى صفوف الحركة.
وأضاف الفيلق أن الأزمة الحاصلة، لا تتعدى كونها أزمة مطالب لدى بعض المنشقين فعلقوا تنفيذ المهام الموكلة إليهم حتى تتحقق مطالبهم، وتابع "ومع استمرار تعنت البعض في حلحلة الإشكال تم تفويض لجنة من القيادة تفويضاً كاملاً لبحث المطالب وحل الأمور، وقد بذل الإخوة في اللجنة قصارى جهدهم للحل إلا أن جهودهم قوبلت بالتهرب".
وأردف البيان "ومن ثم تدخل علماء من حملة "ارم معهم بسهم"، فتم تفويضهم أيضاً من القيادة تفويضاً تاماً، لنتفاجأ أيضاً أن مبادرتهم قوبلت بالتنصل والرفض، فعلمنا يقيناً أن هذا الرفض مقترن بتجهيز سري للانشقاق عن الفيلق الثالث".
وأشار إلى أن الأمر "كان بإشراف وتنسيق صوفان الذي أقنعهم به دون أي سابق تواصل منه مع الفيلق الثالث"، وأضاف  ولقطع الطريق على هذا الانشقاق أصدرت قيادة الفيلق قرار عزل أبو حيدر مسكنة وأبو عدي البوغاز وقد قوبل هذا العزل بتصدٍ عسكري للقرار ورفضه، ثم أعلنوا رسمياً انشقاقهم وطلبوا تدخل اللجنة الوطنية للإصلاح  للنظر في القضية.
ولفت أنه"ونتيجة لذلك وتغليباً للمصلحة العامة فوضنا اللجنة الوطنية التي استمرت بعملها وبحثها وسماعها للأطراف قرابة شهرين، وانتهت إلى قرار واضح يفصل بين حقوق الطرفين، لنتفاجأ بتصعيد وتهديد من "حسن صوفان" وفريقه من قبيل أن القرار ظالم وجائر وغير مقبول لديهم".
لجنة الإصلاح والقرارات الصادرة عنها
وكانت اللجنة الوطنية للإصلاح، قد أصدرت في 25 أيار الجاري، بياناً حكمت فيه بالخلاف بين الطرفين، جاء فيه أن مقار ونقاط رباط "الفرقة 32" التابعة للفيلق الثالث تبقى تحت سيطرة قيادة الفيلق باستثناء عدة مقار ونقاط تبقى مع المجموعات المغادرة، موضحةً أن المقار المستثناة هي "مقر العمارنة جرابلس، ومقر حماة العقيدة جرابلس، و3 نقاط رباط عرب حسن في جرابلس، ومقر الكتيبة الأولى في قباسين، وحاجز أم عدسة، وقطاع العجمي مع نقاط رباطه".
وأضافت اللجنة أن المجموعات المغادرة تلتزم بتسليم كافة الذخائر والأسلحة المسلمة لها وفق القائمة المرفقة بتاريخ 2022/1/25 في المستودع الاحتياطي إلا ما استهلك منها بأمر من القائد العسكري للفيلق الثالث، فضلاً عن إعادة السلاح المحتجز من قبلهم للفيلق، في أثناء المشكلة بتاريخ 1 نيسان، وتنفيذ ما ذكر أعلاه وتسليمه لقيادة الفيلق عن طريق اللجنة الوطنية للإصلاح خلال مدة 72 ساعة اعتباراً من تاريخ صدور القرار.
وشددت اللجنة على أن الفيلق الثالث مُلزم بتسديد كل الذمم المالية للمجموعات المغادرة عن طريق اللجنة الوطنية للإصلاح بعد التثبت.
دوافع أحرار الشام في تغذية الخلاف
وحول أسباب موقف حركة أحرار الشام من الجبهة الشامية، وتغذيتها للخلاف القائم بين الأخيرة والقطاع الشرقي، كشفت مصادر مقربة من الشامية، أن موقف قيادة الحركة يعود إلى رغبتها بالانتقام من الجبهة الشامية بسبب استقبالها عدداً من الكتل العسكرية التي انشقت عن الحركة، عام 2021، بسبب الانقلاب الذي حصل على "جابر علي باشا" القائد السابق لها.
وكانت حركة أحرار الشام  قد اتهمت الجبهة الشامية، بتبني مواقف مخزية في أسوأ ظروف الحركة بعد خروجها من الإشكال الماضي، وقالت إن الجبهة قامت بشكل مقصود وممنهج بشق مجاميع من الحركة واستغلال ظرف الحركة لتحقيق مصالح ضيقة لا تعدو أرنبة أنوفهم، رغم الاتفاق الرسمي الذي تم مع قيادتها ممثلة بقائدها العام وقائدها العسكري بعدم استقبال أي أحد إلا باتفاق مع قيادة الحركة وبراءة ذمة"، وفقاَ لبيان صادر عن الحركة.
وتعرضت حركة أحرار الشام خلال السنوات الفائتة، لعدة تصدعات وخلافات كبيرة داخل مكوناتها كان أخرها في عام 2021، عُقب عملية انقلاب قادها القائد العام السابق للحركة "حسن صوفان"، على قيادة الحركة المتمثلة بـ جابر علي باشا.
ويضم القطاع الشرقي في أحرار الشام أكثر من 1600 مقاتل، ينحدر معظمهم من ريف حلب الشرقي والشمالي الشرقي كانوا قد انضموا إلى صفوف الجبهة الشامية في العام 2017 مع بداية عملية درع الفرات العسكرية التي أطلقها الجيش التركي ضد تنظيم الدولة، وتحولت مجموعات الأحرار المنضمة إلى الشامية لاحقاً إلى جزء من تكتل عسكري باسم الفرقة-32 والذي صار أحد أهم أذرع قوة غرفة عزم في منطقة الباب ومحيطها شمال شرق حلب برغم الخلافات بين الفرقة وقيادة الغرفة حول المصاريف وإدارة المعابر.