مع ازدياد القلق الأردني من الخطر الداهم على الحدود السورية-الأردنية، المتمثل بتصاعد عمليات تهريب المخدرات، وتورط مجموعات من النظام السوري في الإتجار به، فضلاً عن انتشار عناصر الميليشيات الإيرانية على حدود المملكة بزي النظام الرسمي، عاد الحديث عن دعم محتمل من واشنطن والتحالف الدولي لعدد من الفصائل المحلية جنوبي سوريا.
وقال مصدر عسكري مقرب من جيش مغاوير الثورة في حديث لـ"وكالة المجس" إن قاعدة "التنف" التابعة للتحالف الدولي الموجودة على المثلث الحدودي السوري-العراقي-الأردني، تتجهز لدعم مجموعات مسلحة بهدف مواجهة خطر الوجود الإيراني الذي شهد تمدداً كبيراً على الحدود الشمالية للأردن خلال الآونة الأخيرة.
وأضافت المصادر أن واشنطن وقيادة التحالف الدولي، تُريد من تلك الفصائل، ضرب النفوذ الإيراني، وتقليل عدد محاولات تهريب المخدرات التي باتت تشكل خطراً على الأردن وفق تصريحات المسؤولين الأردنيين.
وأشار إلى أن واشنطن عقدت منذ أيار الفائت، اجتماعات مكثفة مع المخابرات الأردنية المتواجدة في قاعدة التنف حيث تمتلك مقراً خاصاً بها هناك، وذلك من أجل نقاش الآليات الواجب اتباعها، بهدف تشكيل مجموعات مدعومة للحد من عمليات التهريب ومجابهة إيران.
وشدد المصدر على أن الاجتماعات ومقترح دعم فصائل في جنوب سوريا، جاء بناءً على طلب أردني بسبب التهديدات المتواصلة على حدوده، حيث يهدف الأردن لمكافحة تمدد تنظيم الدولة الذي بات وجوده في البادية بمثابة تهديد له، فضلاً عن الوجود الإيراني الآخذ في التوسع على الحدود الأردنية.
ولفت المصدر أن الأردن أكد خلال الاجتماعات للأمريكيين ولعدد من قادة الفصائل جنوب سوريا، على وجوب عدم الاصطدام مع النظام السوري، وأضاف أن ضباط الاستخبارات الأردنية أبلغوا الفصائل أن الحرب ستتجه لكبح جماح تنظيم الدولة وإيران، وأن النظام السوري وقواته سيكونون خارج دائرة الاستهداف.
وأردف المصدر: " هذه هي المهام الموكلة للمجموعات التي ستتلقى الدعم من قاعدة التنف"، وتابع "لا صحة لما يُشاع حول عزم واشنطن والأردن، إنشاء حزام أمني على طول الحدود الشمالية مع سوريا".
ورجحت المصادر أن يتلقى فصيل "مغاوير الثورة" دعماً كبيراً خلال الفترة القادمة، مشيراً إلى أن مغاوير الثورة وغيرها من الفصائل المُدرجة على قائمة الدعم المزمع تقديمه، تمرست في قتال النظام والميليشيات الإيرانية، ونالت ثقة واشنطن المطلقة بسبب انحدارها من بيئة اجتماعية تعادي الوجود الإيراني في المنطقة، وترفضه رفضاً قاطعاً.
الوجود الإيراني على الحدود السورية-الأردنية
وفي تقريرٍ سابق كشفت وكالة "المجس" عن انتشار مئات العناصر من الميليشيات المرتبطة بإيران، على طول الحدود مع الأردن، وذلك بعد ارتدائهم الزي الرسمي لقوات النظام السوري للتمويه على تواجدهم في المنطقة.
وقال التقرير إن مجموعات من ميليشيات حزب الله اللبناني ولواء فاطميون الأفغاني وصلت إلى المنطقة قبل أيام، مشيرةً إلى أن تلك المجموعات توزعت على طول الحدود السورية الأردنية.
وبحسب التقرير فإن الميليشيات الإيرانية وزعت عناصرها على المخافر الحدودية مع الأردن بلباس جيش النظام السوري، مع التركيز على منع عناصر المصالحات من الوجود ضمن مناطق انتشارهم.
وحول التعزيزات الإيرانية المُرسلة إلى الحدود مع الأردن، بينت المصادر أن طهران استقدمت مئات العناصر الذين جرى نقلهم من دمشق إلى درعا ليلاً بهدف منع رصد تلك التعزيزات، مشيرةً إلى أن السيارات التي نقلتهم إلى الحدود عادت أدراجها إلى دمشق بعد تنفيذ المهمة.
وأشار التقرير إلى أن عملية نقل العناصر الإيرانيين، والميليشيات المرتبطة بإيران، جرى تنفيذها على مراحل، حيث نقلت المجموعات على عدة دفعات مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة.
ولفت أنه وبالتزامن مع نقل عناصر الميليشيات الإيرانية، عززت قوات النظام السوري مواقعها بالقرب من الحدود السورية الأردنية بآليات ثقيلة من بينها دبابات ورشاشات ثقيلة.
انتشار لحماية طرق المخدرات
من جانبه رأى الناشط الإعلامي "صهيب الحوراني" أن عملية انتشار الميليشيات الإيرانية على طول الحدود السورية-الأردنية تهدف بالدرجة الأولى لتسهيل عمليات تهريب المخدرات التي تتم بشكل مباشر عن طريق تلك الميليشيات.
وأضاف أن طهران والنظام السوري، يُريدان من تلك التعزيزات تأمين شحنات المخدرات والأسلحة التي تهرب إلى الأرضي الأردنية، وإظهار القوى المنتشرة على الحدود كقوى نظامية تابعة للدولة، وذلك لإضفاء شرعية على أي استهداف أردني لشحنات المخدرات داخل الأراضي السورية.
ويُشير الحوراني إلى أن الانتشار الأخير على الحدود الأردنية، يوحي بشكل مباشر لوجود حرب دائرة هناك، موضحاً أن إغلاق السوق الخليجي أمام عصابات تهريب المخدرات، أفقد الميليشيات الإيرانية الكثير من مواردها، مبيناً "لم يعد أمامها سوى الحدود البرية مع الأردن"، وتوقع أن يقود الانسحاب الروسي من الجنوب السوري بسبب انشغال الاخيرة في حربها مع أوكرانيا إلى أن يملأ الايرانيون وتنظيماتهم وميليشياتهم الفراغ، ما يعنى ارتفاع عمليات التهريب المنظم.
وشدد على أن تجارة المخدرات جنوبي سوريا، تحظى برعاية ودعم من ميليشيات شيعية تابعة لطهران وحزب الله، بتواطؤ مع قوات في جيش النظام السوري حيث يتم تهريبها الى الاراضي الأردنية وتخزينها ومن ثم إعادة تهريبها الى السعودية ودول الخليج.
وكشف الحوراني عن وجود عمليات تهريب إلى الأردن منذ زمن بعيد، إلا أن اندلاع الثورة السورية وتردي الاوضاع الاقتصادية والأمنية ونقص التمويل للميليشيات الشيعية عزز من عملية البحث عن مصادر اخرى كـ "تهريب المخدرات" والأسلحة، حيث يُشرف قياديون من حزب الله والنظام على دعم وتسهيل عمليات التهريب.
تحذير من الفراغ الروسي
وفي أيار الفائت حذر العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني من الفراغ الذي تخلفه روسيا في سوريا، مشيرا إلى أن إيران ستملأ هذا الفراغ، وقال الملك عبدالله في لقاء له إن ملء إيران ووكلائها الفراغ الذي تخلفه روسيا في سوريا قد يؤدي إلى مشاكل على طول الحدود الأردنية.
وأضاف أن الوجود الروسي في جنوب سوريا كان مصدر تهدئة، ولكن مع انشغال موسكو في أوكرانيا، فإن الأردن يتوقع تصعيداً في المشاكل على الحدود، مشيراً إلى جهود بعض الدول العربية في التواصل مع طهران قائلاً: "نحن بالطبع نريد أن يكون الجميع جزءاً من انطلاقة جديدة للشرق الأوسط والتقدم للأمام، لكن لدينا تحديات أمنية".
فيما اتهم الجيش الأردني رسمياً ما اسماها "قوات غير منضبطة" في جيش النظام السوري وأجهزته الأمنية بدعم مهربي المخدرات، قائلاً إن حدود الأردن مع سوريا باتت ضمن أخطر حدود المملكة حالياً.
وقال مدير مديرية أمن الحدود في الجيش الأردني، العميد "أحمد هاشم خليفات"، إن "قوات غير منضبطة من جيش النظام السوري تتعاون مع مهربي المخدرات وعصاباتهم التي أصبحت منظمة ومدعومة منها ومن أجهزتها الأمنية، بالإضافة لميليشيات حزب الله وإيران المنتشرة في الجنوب السوري والتي تقوم بأعمال التهريب على الحدود.
وأشار إلى تزايد عمليات التهريب والتسلل عبر الحدود، بسبب نقص تمويل ميليشيات حزب الله وإيران، مؤكداً على أن هذه الميليشيات هي التي تصنع الحبوب المخدرة لتهريبها بوسائل مختلفة عبر الحدود الأردنية، للحصول على المال في ظل نقص تمويلها الخارجي.