واصلت استخبارات النظام السوري في مدينة السويداء، عمليتها الأمنية ضد أعضاء حزب اللواء السوري، وذلك بعد أيام من مقتل متزعم "قوة مكافحة الإرهاب" التي تُعد الذراع العسكري على أيدي مجموعات تابعة للنظام وإيران في البادية السورية.
وقالت مصادر محلية من السويداء لـ"وكالة المجس" إن مجموعات تابعة لاستخبارات النظام السوري وفرع الأمن العسكري، اعتقلت عصر أمس، شابين من مدينة السويداء بتهمة الانتماء لحزب اللواء السوري المعارض، وممارسة نشاطات سياسية وعسكرية محظورة في جنوب سوريا.
وأضافت المصادر أن مجموعة ملثمة هاجمت الشابين قرب "فرن فضة" في السويداء، أمام عشرات المدنيين، وتمكنت من اختطافهما واقتيادهما إلى جهة مجهولة، بعد إطلاق النار في الهواء بهدف ترهيب المارة ومنعهم من تخليص الشابين.
وأشارت المصادر إلى أن المجموعة الملثمة، وعلى الرغم من حرصها على عدم كشف هويتها، إلا أنه تبين لدى الأهالي بأنها تتبع بشكل مباشر لفرع الأمن العسكري التابع للنظام السوري، وذلك بسبب الآليات التي كانت تستقلها، والتي يُعرف بعضها بتبعيته للفرع.
وحول أسباب الحملة المذكورة، بين الصحفي "سلمان صعب" في حديث لـ"المجس" أن مخابرات النظام السوري، أطلقت العنان للمجموعات التابعة لها، باعتقال وتصفية عناصر وقادة حزب اللواء السوري، وذلك استكمالاً للحملة العسكرية التي شنتها قبل أيام، وأسفرت عن مقتل متزعم قوة مكافحة الإرهاب "سامر الحكيم.
وأشار صعب إلى أن مخابرات النظام السوري، زادت بعد مقتل الحكيم من عمليات الاعتقال التي طالت عناصر ومؤيدين لحزب اللواء السوري، مشيراً إلى أنها اتهمتهم بالانتماء للحزب، والمشاركة في عملية تخريب وتحطيم أجهزة البطاقة الذكية في عدد من الصالات التابعة لمؤسسات النظام، وذلك ضمن حراك سلمي كان قد أطلقه الحزب احتجاجاً على الوضع المعيشي في المحافظة.
من جانبها حذرت شبكة "السويداء 24" من أن تزايد سلطة المجموعات المسلحة التابعة لشعبة المخابرات العسكرية، مؤكدةً أنها "باتت أمراً واقعاً"، وأشارت إلى أن تلك المجموعات "لا تملك أي شرعية تخولها اتباع أصول المحاكمات"، مشددةً على أنها تُنصب نفسها "قاضياً وجلاداً على المجتمع، وتنفذ عمليات خطف بتهم مختلفة، من دون توفير محاكمات عادلة".
حزب اللواء والصراع مع النظام وإيران
وكان"حزب اللواء" السوري، قد أعلن في وقتٍ سابق إطلاق المرحلة الأولى من النضال المدني ضد فساد النظام السوري في محافظة السويداء، وذلك رداً على ما سماه تحويل إيران وحزب الله اللبناني، مناطق جنوب سوريا إلى مراكز لتصنيع وتجارة المخدرات.
وهدد الحزب في بيانٍ صادرٍ عنه بمزيد من الخطوات في الأيام المقبلة، وأضاف "فيما قسمت السلطة الحاكمة البلاد إلى مناطق نفوذ وهجرت ملايين السوريين، تخرج علينا السلطة بكل وقاحة تطالبنا بالحفاظ على هيبة السلطة الفاسدة".
وأشار إلى أن إيران وحزب الله حولا الجنوب السوري، ومحافظة السويداء، إلى مركز لتصنيع وتهريب المخدرات مشدداً على أنها تستهدف بذلك فئة الشباب، موضحاً أن أفراد الحزب بدأوا حملة مدنية ضد فساد السلطة الحاكمة ضمن المرحلة الأولى من التصعيد شملت محافظة السويداء.
وفي تموز الفائت، أعلن معارضون سياسيون تشكيل "حزب اللواء السوري" في مسعى لإعادة المحافظة إلى المشهد السياسي الذي أُبعدت عنه منذ عقود، وذلك بالتزامن مع ظهور كيان عسكري "قوة مكافحة الإرهاب" يهدف للتصدي لإرهاب النظام والميليشيات الإيرانية بتنسيق مشترك مع الحزب.
حزب اللواء عرف عن نفسه بأنه كيان سياسي يسعى لحماية السويداء من الفوضى الأمنية والإرهاب المدعوم من النظام وميليشياته، وللعب دور سياسي يمثل الموقف الحقيقي لطائفة الدروز بشكل خاص، وبحسب الأمين العام للحزب، فإنه " حزب سياسي مدني علماني ينطلق من الجنوب إلى كافة المحافظات السورية، لا يدعو إلى أي شكل من أشكال الحكم الذاتي أو الفيدرالي أو غيره، وإنما يقبل أي طرح للحكم في سوريا على أن يكون ضمن طاولة وطنية سورية تجمع كل السوريين، ويلتزم بما يتفق عليه السوريون وفق الشروط الوطنية الجامعة".
ويتبنى الحزب مبادئ وطنية وأهمها وحدة الأراضي السورية والتأكيد على هويتها، كما يهدف لإنهاء الحرب في سوريا وإنهاء الاستبداد السياسي وسطوة أجهزة المخابرات التي تعيث فسادا في عموم البلاد، ويعتبر أن جميع السوريون معنيون بتحديد مصير سوريا ومستقبلها السياسي لمواجهة النظام وكافة أجهزة الاستبداد.
اجتثاث قوة مكافحة الإرهاب
التوتر الأمني وعمليات الاعتقال أعقبت، اشتباكات عنيفة بين المخابرات العسكرية وميليشيات تابعة لإيران من جهة، وفصيل قوة مكافحة الإرهاب التابع لحزب اللواء السوري من جهة أخرى، في قرية خازمة جنوب شرقي السويداء، الأربعاء الفائت، ما أدى لمقتل متزعم المجموعة "سامر الحكيم" إضافة إلى مقتل وجرح عناصر من قوات النظام، وتضرر المنازل من جراء تعرضها لإطلاق النار.
وكانت مخابرات النظام العسكرية قد ألقت فجر، الخميس، جثة قائد قوة مكافحة الإرهاب سامر الحكيم بالقرب من دوار المشنقة وسط مدينة السويداء جنوبي سوريا، فيما نشرت ميلشيا المقاومة الشعبية" في السويداء المدعومة من إيران، صورة تظهر جثة الحكيم وكتب عليها عبارات وصفته بـ"الفاطس" ما أثار غضب أهالي السويداء.
وكانت ميلشيا الدفاع الوطني التي يقودها "رشيد سلوم" والمخابرات العسكرية، استقدمت، الأربعاء 70 عنصراً من حزب الله وميلشيا أفغانية من مقرهم الرئيسي في منطقة تل صحن بريف المحافظة الشرقي، بهدف محاصرة القرية واقتحامها، وهو ما دفع سامر الحكيم وعناصره إلى الانسحاب من القرية باتجاه البادية السورية.
وتُرجع مصادر مقربة من حزب اللواء، أسباب الاستئصال، إلى أن وجود شخصيات وكيانات معارضة للنظام السوري في المحافظة، كالحزب والقوات العسكرية التابعة له، يُعتبر بمثابة حجر عثرة في وجه المشروع الإيراني الآخذ بالتمدد على حساب تراجع وانكفاء الدور الروسي، مضيفةً أن النظام وإيران يدعمان تشكيلات عسكرية داخلية أبرزها الدفاع الوطني الذي يضم عدداً من أبناء الطائفة في صفوفه، وذلك لإحداث فتنة درزية.
وربطت المصادر بين الاقتتال المُفتعل من قبل النظام السوري، والأنباء الواردة عن عزم واشنطن دعم عدد من الفصائل المحلية جنوبي سوريا، لافتةً أن حزب اللواء وقوة مكافحة الإرهاب التابعة له، يتمتعان بعلاقة وثيقة مع واشنطن، وسبق وأن تعاونا في مجال مكافحة المخدرات، حيث سلمت القوة أحد أكبر تجار المخدرات التابعين لحزب الله إلى قاعدة التنف الأمريكية.