اعتقالات مستمرة وعمليات نوعية تطال قادة تنظيم الدولة في سوريا

مرة أخرى، نفذت قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، أمس السبت إنزالاً جوياً في ريف محافظة الحسكة الجنوبي، تمكنت خلاله من اعتقال أحد قياديي تنظيم الدولة.
وقالت مصادر محلية لـ"المجس"، إن التحالف الدولي مدعوم بقوات برية تابعة لقسد نفذ إنزالاً جوياً في قرية "السعدة" بريف الحسكة الجنوبي، ما أسفر عن اعتقال المدعو "إبراهيم الجبر".
وأضافت المصادر أن "الجبر" يعمل كقيادي ضمن خلايا تنظيم الدولة، وأنه اعتقل خلال عملية الإنزال، وذلك بعد مقتل  زوجته بنيران القوات المهاجمة أثناء تنفيذ العملية.
وكثفت قوات التحالف الدولي خلال الآونة الأخيرة من عمليات استهداف قادة تنظيم الدولة، في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بل وامتدت لتشمل مناطق النفوذ التركي في شمال سوريا.
وكانت قوات التحالف الدولي قد نفذت، الأربعاء الفائت، إنزالاً جوياً في منطقة جرابلس بريف حلب، اعتقلت خلاله قيادياً بارزاً في تنظيم الدولة.
ووفقاً لمصادر محلية في المنطقة، فإن الشخص المعتقل يُدعى "هاني أحمد الكردي"، فيما قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن القيادي المُعتقل كان يُعرف باسم "والي الرقة" سابقاً، موضحةً أنه كان يعمل كـ"صانع للقنابل" ويمتلك نفوذاً واسعاً في سوريا.
وحول عملية الاعتقال، أكدت مصادر محلية أن قوات التحالف، نفذت في وقت متأخر من ليل الأربعاء - الخميس، عملية إنزال جوي بين قريتي قرقوي العرب والاحمير القريبتين من بلدة الغندورة في ريف مدينة جرابلس، مضيفةً أنه بعد مغادرة الحوامات، شاهد الأهالي أفراد عائلة مقيدين بالقرب من المنزل المستهدف، مشيرةً إلى فقدان شاب من بينهم، يُرجح أن قوات الإنزال اعتقلته قبل مغادرة المنطقة.
من جانبها أعلنت قوات التحالف الدولي اعتقال قيادي بارز في تنظيم الدولة، خلال عملية إنزال جوي في منطقة جرابلس بريف حلب الشرقي، مشيرة إلى أن المعتقل هو صانع قنابل من ذوي الخبرة وأصبح أحد كبار قادة التنظيم.
وأكد التحالف، في بيانٍ له، عدم إصابة أي مدني خلال عملية القبض على القيادي في التنظيم، مؤكداً على أنه "تم التخطيط بدقة لتقليل المخاطر الجانبية"، وأضاف أن قواته "ستواصل مطاردة فلول داعش أينما كانوا لضمان هزيمتهم الدائمة".
تحرير الشام شاركت بمطاردة قياديي التنظيم
وفي الوقت ذاته، وبعيداً عن مناطق قوات سوريا الديمقراطية، والجيش الوطني السوري، شهدت مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، هي الأخرى عمليات اعتقال طالت عدداً من كبار قادة تنظيم الدولة في سوريا، وسط حديث عن تعاون وتنسيق أمني بين الهيئة والتحالف الدولي  لمكافحة التنظيم.
جهاز الأمن العام التابع للهيئة، قال في بيان مقتضب إنه تمكن من "القبض على عدد من قيادات تنظيم الدولة خلال حملة أمنية واسعة نفذها عناصره في إدلب"، دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية حول مكان العملية وعدد وهوية القادة اللذين تم اعتقالهم.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن العملية الأمنية التي نفذها جهاز الأمن العام، شملت القسم الشمالي من مدينة الدانا على الحدود التركية-السورية، مضيفةً أنها أُجريت بالتزامن مع قطع تام لشبكات الاتصالات والانترنت من قبل الشركة التركية المشغلة عن جزء كبير من ريف إدلب الشمالي.
ونقلت المصادر عن مقربين من تحرير الشام قولهم، إن العملية جرت بتنسيق غير مباشر بين تحرير الشام والتحالف الدولي لمكافحة التنظيم الذي تقوده الولايات المتحدة، مشيرةً إلى أن المخابرات التركية لعبت دور الوسيط بين الهيئة والتحالف الدولي.
وأضافت أن عملية تبادل المعلومات الاستخباراتية، تمت بين قادة الهيئة والمخابرات التركية، دون أي تواصل بين الجانب الأمريكي والهيئة، لافتةً أن التعاون الاستخباراتي بين الأتراك وتحرير الشام يصب في خانة تحديد مهمة قيادي بارز في التنظيم تم اعتقاله في إسطنبول مؤخراً، وسط ترجيحات بأن يكون هو الزعيم الجديد للتنظيم.
وحول هوية المعتقلين في الحملة الأمنية الأخيرة، أكدت المصادر وفقاً لعسكريين من تحرير الشام، أن الأمن العام تمكن خلال العملية من اعتقال 6 قياديين في التنظيم، اثنان منهما يحملان الجنسية العراقية، مشيرين إلى أن العملية ترافقت مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع التابع للتحالف الدولي، وذلك بهدف التدخل السريع حال حصول مقاومة شديدة، أو قدوم مؤازرات لتخليص القياديين التابعين للتنظيم من الاعتقال.
وكانت الهيئة قد دخلت في صراع مفتوح مع فلول تنظيم الدولة الإسلامية في إدلب، فضلاً عن قيامها بإضعاف تنظيم حراس الدين التابعة لتنظيم القاعدة واعتقال بعض قياداته، بالإضافة لمهاجمة الحركات التي يقودها مهاجرون غير سوريين مثل جند الشام وجنود الله وسيطرتها على النقاط العسكري التابعة لهم في ريف إدلب الغربي وجبل التركمان، في إطار التودد للغرب وإظهار الوجه المعتدل لها.
وتسعى الهيئة من خلال التعاون الأمني مع الأتراك والتحالف الدولي، إلى رسم صورة للحركة باعتبارها حركة سورية ثورية محلية، لا تتبع لتنظيمات جهادية خارجية، ولا تشكل خطراً على الدول الغربية، وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية وفقاً لتصريحات سابقة للرجل الثاني في الهيئة عبد الرحيم عطون.
وفي وقتٍ سابق أعلن جهاز الاستخبارات التركي "MİT"، اعتقال شابين تركيين ينتميان لـ"تنظيم الدولة" ضمن عملية أمنية خاصة داخل سوريا، ونقلهم إلى تركيا، مشيراً إلى أنهما كانا يستعدان لتنفيذ عملية إرهابية ضد تركيا، ما أحدث جدلاً واسعاً حول هوية العنصرين وما إذا كانا بالفعل يتبعان لتنظيم، وسط اتهامات لتحرير الشام بتسليمهما لتركيا في صفقة مقايضة.
وقالت مصادر مناوئة لهيئة تحرير الشام، في حديث لـ"وكالة المجس"  حينها، إن العنصرين المتهمين بالانتماء لتنظيم الدولة، هما من ضمن مجموعة من السلفيين المهاجرين الأتراك الذين كانوا في سجون تحرير الشام، مشيرةً إلى أن الأخيرة سلمتهم، إلى الاستخبارات التركية، وذلك مقابل غض الطرف عن شحنة المخدرات التي دخلت تركيا عبر باب معبر الهوى، وضُبطت في ولاية هاتاي جنوب تركيا منتصف نيسان الجاري، والتي تورط بإدخالها قادة وأفراد محسوبون على تحرير الشام.
وشددت المصادر على أن "أورهان موران" و"مصطفى قيليجلي"، مهاجران تركيان لا ينتميان لتنظيم الدولة، مشيرةً إلى أنهما كانا معتقلان لدى تحرير الشام منذ عام تقريباً، حيث تتهمهما الأخيرة بالعمل مع أحد السلفيين المصريين الذين تلاحقهم تحرير الشام ويُدعى "أبو ذر المصري".
وتُعد عملية الإنزال التي قُتل فيها القرشي في إدلب، أكبر عملية من نوعها منذ مقتل زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي في تشرين الأول من عام 2019، وكانت طائرات مروحية تابعة للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، قد نفذت العملية قرب منطقة "أطمة" شمالي إدلب، وشهدت المنطقة اشتباكات عنيفة وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع والطائرات الحربية التابعة للتحالف، وانتهت بانسحاب الأمريكيين بعد تفجير المنزل، لتعلن الولايات المتحدة في وقتٍ لاحق مقتل زعيم تنظيم الدولة "أبو إبراهيم القرشي".