هل استهدف تنظيم الدولة قوات الصناديد التابعة لقسد بريف الحسكة

قُتل 4 عناصر من قوات الصناديد  التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، أمس، في هجوم شنه مجهولون على سيارتهم أثناء مرورها بريف بلدة اليعربية شرقي محافظة الحسكة، وسط تنفيذ التحالف الدولي لمكافحة التنظيم 4 عمليات إنزال جوية اعتقل وقتل خلالها عدداً من عناصر وقيادات التنظيم.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" ، إن "مجهولين يستقلون دراجة نارية هاجموا بالأسلحة الرشاشة سيارة تابعة لقوات الصناديد المنضوية ضمن صفوف قسد، مشيرةً إلى أن الهجوم الذي يشتبه بأن عناصر تنظيم الدولة يقفون خلفه، أدى إلى مقتل 4 عناصر وجرح آخرين.
وأضافت المصادر أن قوات الصناديد قامت بنقل جثث قتلاها، والجرحى، إلى مشفى المالكية لتلقي العلاج، مشيرةً إلى أن السيارة كانت عائدة من الشريط الحدودي مع العراق وتقل 7 عناصر من حرس الحدود بعد تبديل نوبة الحراسة في النقاط العسكرية.
ولفتت المصادر إلى أن قوات سوريا الديمقراطية وجهت أصابع الاتهام إلى خلايا تنظيم الدولة المنتشرة في المنطقة، مؤكدةً أن تكثيف التنظيم لعملياته يأتي في إطار الانتقام لعمليات الإنزال الجوي التي ينفذها التحالف الدولي برفقة قسد، وتستهدف قيادات من الصف الأول في التنظيم، وخبراء التفجير.
اتهامات تطال قسد
مصادر أخرى رجحت لـ"المجس" أن تكون قوات سوريا الديمقراطية على دراية بالهجوم الذي استهدف قوات الصناديد، مرجعةً ذلك إلى الخلاف القديم بين الصناديد وقسد، ومحاولات الأخيرة إضعاف القوات العربية وإخضاعها بشكل كامل لسيطرتها وإدارتها الذاتية.
وترجع مخاوف قسد بحسب المصدر إلى تسريبات صدرت في وقتٍ سابق تحدثت عن نية الأمريكيين بالاتفاق مع روسيا تشكيل فصيل جديد، يترأسه قادة سابقون في مليشيا "الصناديد" التي يتزعمها الشيخ حميدي الجربا بدعم من قوات التحالف الدولي، وذلك لضبط الحدود السورية العراقية.
وفي تشرين الأول الفائت نفذت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، حملة مداهمات طالت عدداً من الأشخاص بينهم نساء في مدينة الطبقة غربي الرقة، بحجة العمالة للنظام السوري، واستهدفت المداهمات بالدرجة الأولى منازل لأشخاص من عشيرة "الوهب" التابعة لقبيلة شمر وذلك بتهمة تشكيل خلايا إرهابية تابعة للنظام السوري، وفقاً لتقرير سابق لـ"المجس".
وبيّن التقرير أن قوات قسد اعتقلت 3 نساء و24 شخصاً من أبناء العشيرة المذكورة، واقتادتهم إلى بلدة صرين التابعة لمدينة عين العرب، فضلاً عن اعتداءات بالضرب طالت عدداً من أصحاب المنازل المستهدفة، وحتى النساء، بتهمة عدم تنفيذ الأوامر وفتح الأبواب للجهات الأمنية بشكل فوري.
وأشار التقرير حينها إلى أن الهدف الأساسي لقسد من عمليات الدهم والاعتقال التي تستهدف المكون العربي بشكل عام، والعشائر بشكل خاص، يعود إلى رغبة قسد في احتواء وإخضاع العشائر العربية في الحسكة وعشيرة الوهب في الطبقة تحديداً لقربها من فصيل صناديد شمر التابع للشيخ "حميدي الجربا " وجيه عشيرة شمر العربية، الذي تخشى قسد من نفوذه في الحسكة وعلاقاته المتينة مع رأس النظام السوري بشار الأسد.
وأواخر العام 2021، اعتقلت الأسايش الشيخ "عزو الصديد"، أحد وجهاء قبيلة شمر للضغط على نظام الأسد للإفراج عن أربعة كوادر بينهم قيادي في حزب "العمال الكردستاني"، معتقلين لدى النظام السوري، وفي نيسان الفائت اختطفت مجموعة مجهولة الشيخ هاشم سليمان الجربا أحد وجهاء قبيلة شمّر العربية، في منطقة تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.
التحالف الدولي يواصل عمليات الإنزال الجوي
من جانبه، واصل التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة، تنفيذ عمليات إنزال جوي تستهدف قيادات وعناصر من التنظيم على امتداد مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في مناطق شرق الفرات.
وقالت مصادر محلية لـ"المجس" إن التحالف نفذ 3 عمليات إنزال جوية مدعومة بقوات من قسد على الأرض خلال الساعات ال48 الماضية، أدت إلى اعتقال 5 عناصر من داعش واعتقال آخرين.
وأشارت إلى أن العملية الأولى استهدفت منزلاً يتواجد فيه 4 عناصر يشتبه بانتمائهم إلى التنظيم في بادية الجرذي بريف دير الزور الشرقي، موضحةً أن العمليىة أدت الى اعتقالهم جميعاً.
فيما استهدفت العملية الثانية خلية لعناصر التنظيم ببادية ريف دير الزور الشرقي، إلا أن مقاومة عناصر التنظيم، أدت إلى مقتل جميع أفراد الخلية، في حين تكللت العملية الثالثة باعتقال قيادي محلي في التنظيم داخل حي العزيزية بالحسكة شمال شرق سوريا.
وشددت المصادر على أن قوات خاصة من قسد مدعومة بمروحيات من التحالف الدولي، نفذت عملية أمنية رابعة ،الجمعة، أدت إلى اعتقال قيادي محلي في التنظيم بالقرب من قرية الدامان قرب مدينة البصيرة بريف دير الزور الشرقي، كاشفةً عن العثور على مستودع للأسلحة والمتفجرات، إضافة إلى وجود أسلحة رشاشة وألبسة عسكرية، داخل منزل القيادي.
فصيل الصناديد وزعيمه الجربا
يترأسه شيخ مشايخ قبيلة شمر "حميدي دهام الهادي الجربا"، الذي شكل مطلع عام 2013 ما كان يسمى بـ"جيش الكرامة"، إثر سيطرة عدة فصائل على معبر اليعربية الحدودي مع العراق في محافظة الحسكة.
وفي عام 2015 بدل الجربا تسمية المليشيا التابعة له إلى "الصناديد" قبل انضمامه إلى "قسد"، التي تأسست بدعم من التحالف الدولي، بقيادة أميركا، أواخر عام 2015، من تحالف العديد من الفصائل العربية والكردية والتركمانية والأشورية.
تنقسم قوات الصناديد بحسب مصادر إعلامية إلى خمسة فصائل أبرزها فصيل “الياور” وفصيل “الذيب” وفصيل “أبو دهام” وفصيل “العمدة” وفصيل “حماد المناع” ويقدر عدد المقاتلين في هذه الفصائل مجتمعين بأعداد مختلفة تتراوح بين 3000- 4000 بين عامي 2014- 2016 إلا أن أغلب التقديرات الحالية تشير إلى أن قوات الصناديد تتراوح بين 400- 500 مقاتل.
خاضت قوات الصناديد معارك مختلفة مع قسد بدءاً من معركة منبج التي ساهموا فيها بألفي عنصر إلى معركة دير الزور وذلك تحت قيادة بندر دهام حميدي الجربا.
واقتصر تسليح قوات الصناديد في بداية تشكله على السلاح الشخصي الخفيف إلا أن هذا التسليح تغير إبان تحالف الجربا مع وحدات الحماية التي سيطرت على محافظة الحسكة بشكل شبه كامل فعين في منصب فخري حاكماً مشتركاً على مقاطعة الجزيرة إضافة إلى حصوله على أسلحة متنوعة ودعم مالي كبير لدفع رواتب عناصر فصيله.
ويواجه الجربا اتهامات عدة أبرزها أنه ما زال يحتفظ بعلاقاته الوثيقة مع نظام الأسد والروس والإيرانيين، وأنه بنفس الوقت يحتفظ بعلاقته مع الجانب الكردي في محافظة الحسكة، حيث كان الرئيس المشترك لإقليم الجزيرة ضمن مشروع الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا.
وكان حميدي زار القاعدة الروسية في حميميم مطلع العام 2019، عقب زيارة له إلى دمشق، حيث ظهر في شريط فيديو قال فيه إن هدفه من زيارة القاعدة "إنقاذ بلدنا مما هي فيه". وتعد محافظة الحسكة المعقل الرئيسي لقبيلة شمر العربية، والتي لها امتداد في العراق شرقاً وفي دول الخليج، وينتشر أفراد القبيلة في منطقة اليعربية في ريف مدينة القامشلي الشرقي على امتداد الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، إضافة إلى بعض القرى في محافظة الحسكة.
ولم تنقطع الصلة بين الجربا والنظام السوري، إذ لا يزال دائم التردد على منزله في العاصمة دمشق، وفق مصادر مقربة منه، ما يثير أيضاً مخاوف الأكراد في محافظة الحسكة في حال عودة التوتر مع النظام في المحافظة التي تضم أبرز القبائل العربية في سوريا، ومنها الجبور، وطي، والعدوان، والبقارة.
كما يحتفظ حميدي الجربا بعلاقة مميزة مع قيادة إقليم كردستان العراق، وهو ما يثير مخاوف قسد من إيجاد صلة بين مليشيا الصناديد وقوات البشمركة السورية في حال أصر الجانب الأميركي على إعادتها من معسكراتها في شمال العراق إلى الشمال الشرقي من سوريا.