مناورات للفت الأنظار: تحرير الشام تفرج عن قياديين في حراس الدين وتعتقل آخرين في

أطلقت هيئة تحرير الشام ليل أمس الاثنين، سراح ثلاثة من أبرز قادة تنظيم "حراس الدين" في الشمال السوري كانت قد اعتقلتهم في أوقات مختلفة من العام 2020، فيما واصل جهازها الأمني ملاحقة الجهاديين الأجانب في مدينة إدلب وممارسة سياسات تضييقية عليهم.
وقالت مصادر مطلعة لـ"وكالة المجس" إن هيئة تحرير الشام أفرجت عن عدد من قادة تنظيم حراس الدين، مشيرةً إلى أن قرار الإفراج طال كلاً من القيادي السابق في تنظيم القاعدة وعضو مجلس الشورى في تنظيم حراس الدين "أبو عبد الرحمن المكي"، بالإضافة إلى "أبو العباس القلموني" و "أبو بصير الميادين".
ونقلت المصادر عن عسكريين في هيئة تحرير الشام قولهم، إن قرار إطلاق سراحهم جاء في إطار إثبات حسن النوايا وإصلاح ذات البين، مبينةً أن القادة المُفرج عنهم تم إخطارهم بقرار ينص على منعهم من ممارسة أي نشاط عسكري أو دعوي في مناطق سيطرة الهيئة، مبينةً أنه قد يُسمح لهم بممارسة بعض النشاطات في فترة لاحقة شريطةَ انضمامهم لهيئة تحرير الشام والتزامهم بنهجها الديني والعسكري الحالي.
فيما شكك الباحث السياسي السوري "إيهاب عثمان" بنوايا هيئة تحرير الشام، مشيراً إلى أن الهيئة تحوي في سجونها أشخاصاً أقل خطراً من الشخصيات المفرج عنها، بعشرات الأضعاف، وعلى الرغم من ذلك لم تُفرج عنهم، رغم بقائهم في السجن لسنوات، لافتاً أن الهيئة لا تمتلك فقه المسامحة وحسن النوايا مع خصومها.
وقال العثمان إن السبب الرئيس لإفراج هيئة تحرير الشام عن قادة حراس الدين يعود إلى رغبة الهيئة في لفت نظر التحالف والمجتمع الدولي إلى قضية "المعتقلين الجهاديين" في سجونها، مشيراً إلى أن عملية إطلاق سراحهم تأتي في إطار التذكير بأهمية هذا الملف، لافتاً أن تحرير الشام تستخدم ملف الجهاديين للضغط على التحالف الدولي وذلك لكسب اعتراف دولي، كما أنها تستغله لفتح قنوات حوار مع القوى الغربية.
بدورها كشفت مصادر سورية معارضة لـ"المجس" أن إطلاق سراح قادة بارزين في تنظيم حراس الدين، قد يكون بمثابة فخ للمجموعات الأمنية التابعة للتنظيم، والخلايا النائمة المتواجدة في ريف إدلب، مشددةً على أن الجولاني أخضع القادة المفرج عنهم لحراسة مشددة.
وأضافت المصادر أن تحرير الشام تهدف من إطلاق سراح المكي، كشف شبكات متخفية تابعة للتنظيم، لم تستطع كشفها أثناء التحقيق معه، مبينةً أن تحرير الشام تصب كامل جهدها الأمني والاستخباراتي لمعرفة وملاحقة شبكات التمويل التابعة لحراس الدين، وشبكات المقاتلين التابعة له والتي لاتزال تملك قوة ونفوذ داخل مناطق تحرير الشام.
وشددت المصادر على أن تحرير الشام واصلت اعتقال المُهاجرين الذين تربطهم صلات بالتنظيم والتنظيمات الجهادية الأخرى في إدلب، وذلك على الرغم من قرار الإفراج عن قادة التنظيم، موضحةً أن الجولاني يستخدم قرار الإفراج عنهم، بمثابة طعم لإلقاء القبض على قادة وشبكات عجز الجهاز الأمني لتحرير الشام من إلقاء القبض عليهم أو متابعتهم.
وأصدرت جهات أطلقت على نفسها "ثلة من مجاهدي جزيرة العرب في بلاد الشام"، في كانون الأول الفائت بياناً إعلامياً، أوضحوا من خلاله اعتقال هيئة تحرير الشام لعدد من الجهاديين العرب المنضوين سابقاً ضمن صفوف تنظيم حراس الدين، واتهم البيان الصادر عن مهاجرين من الخليج العربي، هيئة تحرير الشام بملاحقة المنتسبين السابقين لتنظيم حراس الدين، وعلى رأسهم الشيخ "أبو عبد الرحمن المكي وخلاد الجوفي"، اللذان لم يشاركا في القتال،  الذي اندلع سابقاً بين هيئة تحرير الشام وتنظيم حراس الدين.
وأضاف البيان أنه بعد اعتقالهما على يد هيئة تحرير الشام، بدأ الكثير من "الأفاضل بعرض وساطات وشفاعات لحل القضية وإغلاق الملف، وكان ممن بادر وسعى في ذلك "كبراؤنا ومقدم ومقدمونا من مجاهدي جزيرة العرب في بلاد الشام"، مشيراً إلى أن "الشيخ عبد الرحمن المكي"، هو من أفضل الدعاة، كاشفاً عن تعرض "خلاد الجوفي"، لبتر إحدى قدميه، ورغم ذلك يعامل بالحبس الانفرادي الطويل مروراً بسوء التغذية وسوء الرعاية الصحية، ومنع ذويه من زيارته.
واختتم البيان بالإشارة إلى أنه، بعد مرور أشهر من الأخذ والرد والمماطلة والترحيل وغير ذلك من الأساليب ومنها رفع "طلب شفاعة"، مقدم لقائد "هيئة تحرير الشام"، "أبو محمد الجولاني"، وتوقيع أكثر من 150 رجلاً من مجاهدي بلاد الحرمين عليه، كان الرد على الطلب بأن القضاة رفضوا إطلاق سراح الرجلين، مجدداً دعوته بالإفراج عن المعتقلين، مشيرين إلى العديد من الطرق المتوفرة لـ"حلحلة" الملف ومنها تشكيل لجنة قضائية مشتركة، أو القبول بمبدأ التحكيم، أو مبدأ الكفالة، أو الصلح، أو إخراجهما مع فرض حدود معينة للتحرك.
من جهتها ردت هيئة تحرير الشام، على البيان الصادر عن الجهاديين، بالقول إن الجهة التي أصدرت البيان هي جهة غير رسمية وغير معروفة بالنسبة للهيئة، ونقلت مصادر مطلعة لـ"وكالة المجس" عن قيادي في هيئة تحرير الشام، فضل عدم ذكر اسمه، أن البيان المذكور طالب بالإفراج عن أحد المتورطين بقضايا أمنية خطيرة تشكل خطراً على عدة جهات، دون التصريح بشكل مباشر عن طبيعة تلك المخاطر أو الأسباب التي أدّت إلى اعتقال الأسماء الواردة في بيان المجاهدين.
وفي تشرين الأول عام 2020، اعتقلت تحرير الشام القيادي في حراس الدين، أبو عبد الرحمن المكي، وذلك بعد مداهمة مكانه من قبل مجموعة أمنية تابعة لها غرب إدلب، والمكي هو سعودي الجنسية وقد جاء اعتقاله بعد اعتقال عنصرين آخرين من التنظيم ذاته، وهما "سهيل أبو بصير، وخلاد الجوفي".
اعتقالات تطال مهاجرين في إدلب
وفي سياق آخر يواصل الجهاز الأمني التابع لهيئة تحرير الشام، ملاحقة العناصر المرتبطة  بتنظيم حراس الدين أو المقربين منهم، لا سيما القادة المنضوين ضمن صفوف الهيئة.
وقالت مصادر أمنية من الهيئة، رفضت الكشف عن اسمها في حديث لـ"وكالة المجس" إن جهاز الأمن العام الذراع الأمني للهيئة في إدلب، اعتقل خلال الأسبوع الفائت نحو 10 جهاديين من جنسيات مختلفة.
وأضافت المصادر أن المعتقلين جميعهم من جنسيات اجنبية، مشيرةً إلى أن بينهم سبعة قادة، اثنان منهم من الجنسية المصرية، وآخر من الجنسية المغربية، كاشفةً عن أن بعض المعتقلين ينتمون لهيئة تحرير الشام، والبعض الآخر يعملون سراً ضمن تنظيم حراس الدين.
وكانت هيئة تحرير الشام قد اعتقلت في وقتٍ سابق أبو البراء التونسي القيادي البارز في الصف الأول لدى تنظيم حراس الدين، وعنصرين آخرين من التنظيم كانا برفقته، بالإضافة لمداهمة عدة منازل ومقار في مدينة جسر الشغور ومحيطها غرب محافظة إدلب، واعتقال نحو 11 قيادياً وعنصراً من الجنسية المغربية يعملون ضمن جماعة "شام الإسلام التي تعمل تحت مظلة هيئة تحرير الشام.
وفي أواخر آذار الفائت شنت هيئة تحرير الشام، حملة اعتقالات شملت عناصر من تنظيم جند الله في إدلب، وذلك بسبب ما اسمته عدم التزام قيادة التنظيم بتطبيق بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 7 تشرين الثاني2021، بوساطة من الحزب الإسلامي التركستاني وسلفيين مقربين من الطرفين.
وكانت هيئة تحرير الشام قد اعتقلت في شباط الفائت، قيادياً بارزاً في تنظيم "حراس الدين" وصحافياً ومقاتلين وقيادات أجانب، إثر عمليات دهم لمنازلهم في مدينتي جسر الشغور وسلقين شمالي غربي محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بالإضافة إلى إقامة حواجز مؤقتة من قبل عناصر الهيئة، والتي اعتقلت من خلالها بعض المقاتلين.
وأفادت مصادر مقربة من الهيئة حينها أن تحرير الشام تمكنت من اعتقال القيادي البارز في تنظيم حراس الدين أبو عبد الله السوري، وهو الإداري العام في التنظيم، على حاجز موقت لأمنية الهيئة بالقرب من دوار الساعة وسط مدينة سلقين شمال إدلب، المتاخمة للحدود السورية التركية، واقتادته إلى جهة مجهولة.
وكشفت المصادر أن مجموعتين أمنيتين تتبعان لهيئة تحرير الشام، داهمتا عدة منازل لمقاتلين أجانب، مقربين من تنظيم "حراس الدين" في مدينة جسر الشغور غرب إدلب، ومدينة سلقين شمال المحافظة، واعتقلت خلالها كلا من الصحافي الفرنسي المعروف باسم موسى الحسان، والقياديين أبو يوسف الفرنسي، وسيف الله الذي يحمل الجنسية الفرنسية وهو من أصول مغربية، بالإضافة إلى مرافقه الشخصي، ومقاتلين اثنين يحملان الجنسية التركية مستقلين عن التنظيم، واقتادتهم جميعا إلى سجونها في مدينة إدلب.
وكانت "تحرير الشام" قد اعتقلت في 11 شباط الفائت، الفائت أبو عبد الرحمن الأردني، الشرعي العام في تنظيم حراس الدين، وذلك بعد خروجه من مسجد وتوقيفه على حاجز مؤقت أثناء قيادته لسيارته ضمن أحد الأحياء السكنية وسط مدينة جسر الشغور غربي محافظة إدلب، تلاها بثلاثة أيام اعتقال القيادي في التنظيم أبو هريرة المصري داخل مدينة معرة مصرين شمال إدلب، وهو نجل الشرعي العام السابق في "حراس الدين" أبو ذر المصري، والذي قُتل يوم 15 تشرين الأول من العام الماضي، بضربة جوية نفذتها طائرة مُسيرة للتحالف الدولي على طريق بلدة عرب سعيد غرب محافظة إدلب.


ومنذ منتصف العام الماضي، بدأت "هيئة تحرير الشام" حربها على فصائل ناشطة في إدلب أنهت على إثرها غرفة عمليات فاثبتوا، التي تضم تنسيقية الجهاد ولواء المقاتلين الأنصار وجماعة أنصار الدين وجماعة أنصار الإسلام وتنظيم حراس الدين، المبايع لتنظيم القاعدة، وكل هذه الفصائل كانت منضوية في غرفة عمليات "وحرض المؤمنين"، وشنت الهيئة حينها هجمات على مقار لبعض تلك التنظيمات في مقدمتها "حراس الدين"، واعتقلت عدداً من قياداته بعد معارك في مركز مدينة إدلب ومحيطها.